الثلاثاء، 25 يناير 2011

النبطي ليوسف زيدان ... رؤية خاصة

يعتبر الدكتور يوسف زيدان حالياً من علامات الرواية المصرية في الوقت الراهن خصوصاً بعد رائعته "عزازيل" التي رسخت اسمه كواحد من أبرز كتاب الرواية المصرية الحديثة
وتعتبر رواية النبطي هي استكمال للخط الأدبي للكاتب الذي اختار طريق إلقاء الضوء على أحداث تاريخية متفق عليها من الجميع من منظور آخر في محاولة لفهم الواقع من خلال ابراز الأحداث الخفية في كتب التاريخ والمخطوطات "وهو تخصص المؤلف"والذي يتجلى بوضوح في روايتيه الأخيرتين
 ونحن هنا بصدد التعليق على رواية "النبطي" التي هي محاولة لإلقاء الضوء على مرحلة انتقالية في التاريخ المصري وهي مرحلة الفتح الإسلامي لمصر والمرحلة التي سبقتها مباشرة , من خلال بطلة الرواية "مارية المصرية " التي تعيش في أحد كفور مصر بجوار منطقة الزقازيق الحالية والتي ترشح للزواج من بدوي من الأنباط العرب وهم من بدو المنطقة الواقعة في  شمال الجزيرة العربية عند العقبة وتحكي الرواية عن مصر في فترة أواخر الحكم الفارسي وأثناء الحكم الروماني وأوائل الفتح  الإسلامي من خلال الأحداث التي ترويها مارية عن بلدتها الصغيرة ورحلتها الطويلة حتى مضارب الأنباط وحياتها في فترة الإضطراب الديني الذي كان يسبق الإسلام   والتي عاصره اضطرابات سياسية واسعة الانتشار في العالم بأسره في تدافع القوتين اللتين سيطرتا على العالم في هذا الوقت وهما الامبراطورية الرومانية والمملكة الفارسية وكيف أن اضطرابات هذه الفترة انعكست على التركيبات الجغرافية والسكانية والتاريخية للمصريين والعرب في ذلك الوقت العصيب الذي سبق الفتح الإسلامي لمصر 
 والمؤلف كعادته يأخذك في بحار السرد الخاص بأبجديته المميزة ومفرداته الجزلة ولغته القوية لينقل لك في كل مرحلة فكرة حقيقية ويلقي الضوء على حدث تاريخي أو جغرافي معلوم من خلال الرواية وهو عالم ساحر بحق يأخذك فيه المؤلف إلى شغف القراءة والمتعة العقلية ولا يتركك إلا مع الكلمة الأخيرة للرواية 

 أما ما عاب الرواية من وجهة نظري المتواضعة فهو ما يلي 
 اسلوب الوصف التفصيلي لصغائر الأمور كهيئة الثياب تفصيلياً بألوانها وأشكالها والرسومات المنقوشة عليها والإطار الذي يزين الحواف والإغراق في التفاصيل بشكل يقفد المرء القدرة على صنع الجو الخاص به في تخيل الرواية بالإضافة إلى الإسهاب الشديد في وصف الأماكن بتفاصيلها الدقيقة 

 ويقابل العيب السابق عدم تناسق الشريط الزمني في الرواية فأحياناً تجد سنوات قد مرت دفعة واحدة بدون مبررات كافية وأحياناً تستغرق ليلة أو ليلتان الصفحات الطوال  

 يبدو معظم أبطال روايات الدكتور يوسف زيدان وكأن عندهم استعداد رهيب للوقوع في الخطايا والإنحرافات الجنسية بشكل خاص بسهولة شديدة جداً وبدون مقاومة تذكر بل يبدو بعضهم وكأنه يسعى سعياً حثيثاً لذلك وهو ما لا يناسب الطبيعة الطيبة لأبطال الروايات أو على الأقل الإنطباع الطيب الذي يأخده القارىء عنهم 

 ينجرف المؤلف أحياناً إلى مناقشة تفاصيل المذاهب والمعتقدات وهو أمر جدلي لايمكن حسمه بشى أنواع النقاش في حين يغفل مناقشة كليات وأصول تلك المذاهب وهو الأهم وهو ما يبرع فيه بأسلوبه الفلسفي العذب ولكنه يغلب عليه مناقشة التفاصيل الغير قابلة للحسم  

 وفي المجمل فإن الرواية وإن كانت في تقديري ليست في قوة وتأثير رواية "عزازيل"ولكنها وبلا شك رائعة أخرى من روائع يوسف زيدان التي لايمكن تفويت قرأتها


هناك تعليقان (2):

  1. أنا لسة مكملتش الرواية
    لكن فعلا حسيت انها مش فى نفس قوة عزازيل ادبيا
    ولكن يبقى الهدف من الرواية وهو وضع التاريخ في قالب ادبي لينقل فكر معين .. وهذا في حد ذاتة هدف نبيل لذلك أتفق معك في أن الرواية لا يمكن تفويت قراتها

    ردحذف
  2. معلومات جميلة !! لا أستطيع الانتظار إلى رسالتك التالية!
    تعليق بواسطة: muhammad solehuddin
    تحيات من اندونيسيا

    ردحذف